انكسر برميل مملؤ بالنبيذ الأحمر في أحد شوارع حي (سانت انطوان) الذي يعتبر من أفقر أحياء مدينة باريس وأكثرها بؤساً.. وعلى الفور ترك جميع الناس أعمالهم وأسرعوا إلى حيث تحطم البرميل.. وأخذوا يحاولون شرب قطرات النبيذ قبل أن تبتلعها الأرض، وخلع بعضهم ثيابه وأخذ يغمسها في النبيذ المسكوب ثم يعصرها في فمه.
هكذا صوّر الكاتب تشارلز ديكنز حياة البؤس والشقاء في الأحياء الفقيرة في مدينة باريس من خلال رائعته الأدبية (قصة مدينتين) ويقصد بالمدينتين: أي بين رعب باريس وبؤس لندن.
حيث أنه سلّط الضوء على معاناة الطبقة العاملة وقمعها واضطهادها من قبل الارستقراطيين إلى أن تطورت الأحداث وأدت لاندلاع الثورة الفرنسية تحت وطأة تلك الطبقية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات.
حيث قام الثوار الفقراء في باريس بأعمال وحشية من نهب وقتل وإبادة والهجوم على قصور النبلاء والعمل على إحراقها وهدمها.
في خضم هذه الأحداث لم تخلو القصة من حكاية حب.. (وسر تلك العواطف التي تتملكنا وتسير بنا في درب الخلاص مهما كان نصيب التهلكة في تلك الدرب..) كما فعل المستر كارتون الذي قرر أن يضحي بحياته من أجل من يحب ليعدم بالمقصلة بدلاً من زوجها المستر دارني المتهم بأنه من الطبقة النبيلة.
نشرت الرواية عام 1859 وتجاوزت مبيعاتها 200 مليون نسخة حول العالم وبذلك تعتبر قصة مدينتين الأكثر مبيعاً على الإطلاق في تاريخ الكتب البشرية.