الرئيسية   جريمة التزوير واستعمال المزور الجزء الثاني

جريمة التزوير واستعمال المزور الجزء الثاني

جريمة التزوير واستعمال المزور

في ظل قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية السوري

 الجزء الثاني

الركن الثاني :  " الضرر "

لا يكفي لتكوين جريمة التزوير تغيير الحقيقة في صك بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا بل يجب أن يترتب على هذا التغيير أو يمكن أن يترتب عليه ضرر للغير.

يكفى أن يكون التزوير من شانه إحداث ضرر أيا كان نوعه ولا فرق بأن يكون مادياً أو معنوياً واقعاً أو محتمل الوقوع وليس من الضروري أن يلحق الضرر شخصا معينا بل يكفي أن يكون من شأن التزوير أن يحدث ضرراً اجتماعياً.

يرى بعض الفقهاء أن الضرر ليس ركنا أساسيا في جريمة التزوير بل هو شرط من شروط الركن المادي للجريمة وهو تغيير الحقيقة.

لكن المشرع السوري اعتبره ركناً أساسياً من أركان الجرمية بل عاقب على احتمال حصول الضرر وقد صدرت عدة اجتهادات تؤيد هذا الاتجاه منها:

لا يشترط في تزوير الأوراق الرسمية أن يترتب عليه فعلاً ضرر مادي بل يكفي أن يكون من شأنه الإضرار بالمصالح الأدبية أو الاجتماعية للدولة ومجرد العبث بالأوراق الرسمية يهدم الثقة التي لابد من وجودها في كل ورقة رسمية ويلحق ضرراً بالمصلحة العامة والنظام العام.

 (جناية أساس 3 قرار 52 تاريخ 18 / 2 / 1983)

" أنواع الضرر "

أولاً: الضرر المادي:

يكون عادة ضرر ماليا يلحق المجني عليه في ثروته وهذا الضرر المادي يظهر غالبا للعين بشكل واضح لا يدع مجال للشك في وجوده.

ثانياً: الضرر المعنوي:

من المبادئ المتفق عليها فقها والثابتة قضاء أن التزوير معاقب عليه متى كان من شأنه إحداث ضرر معنويا أي إيذاء الشخص في عرضه أو شرفه أو كرامته.

ومن يسمى في شهادة ميلاد خاصة بطفل ولد من سفاح باسم أخيه بدل اسمه هو وذلك يقصد الإضرار بأخيه.

من يحرر بلاغا كاذبا وينسبه إلى غيره.

الضرر المحتمل الوقوع:

من المبادئ المقررة فقها وقضاء أن التزوير معاقب عليه حتى ولو كان الضرر لم يقع بالفعل ويكفى أن يكون محتمل الوقوع في وقت ارتكاب الجريمة.

لا يتصور الضرر في جريمة التزوير ألا إذا كان الصك المزور قد أخل بحق أو بمصلحة للغير يحميها القانون وبناء عليه فإذا كان الغرض من التزوير إنشاء سند لإثبات مركز قانوني حقيقي فلا محل للقول بوجود ركن الضرر المكون لجريمة التزوير.

فالمدين الذي أدى ما عليه من الدين لدائنه ولكن فاته أن يأخذ مخالصة لا يعاقب إذا زور مخالصة ليستدل بها على براءة ذمته من الدين لأن الدائن في هذه الحالة ليس له أن يدعي بأنه لحقه ضرر من مجرد عدم تمكينه من المطالبة بدين غير مستحق له قانونا.

ثالثاً: الضرر الاجتماعي:

يعاقب على التزوير ولو لم يترتب عليه ضرر لفرد معين متى كان من شأنه الإضرار بالمصالح المادية أو الأدبية للدولة.

مثال ما يقع من تزوير للحقيقة في مسائل الحسابات العامة بقصد اغتيال أموال الحكومة وفي مسائل الضرائب بقصد التخلص من دفعها.

يترتب على ركن الضرر النتائج التالية:

-         لا عقاب على التزوير إذا كان المحرر المزور لا يمكن أن يتخذ أساسا للمطالبة بحق ما.

-         لا عقاب على التزوير إذا كان تغيير الحقيقة قد حصل في غير ما أعد الصك لإثباته.

-    لا عقاب على التزوير إذا كان المحرر المزور صادر عن موظف غير مختص بتحريره أو منسوبا إلى موظف غير مختص بتحريره.

-    لا عقاب على التزوير إذا كان تغيير الحقيقة في كشوف حساب أو مذكرات أو فواتير أو ما أشبه لأن الأوراق التي من هذا القبيل عرضه للمراجعة والتمحيص.وما يرد فيها من البيانات لا يصلح سندا ولا حجة على الغير.

الركن الثالث:  " القصد الجرمي "

التزوير من الجرائم التي تتطلب عند فاعلها قصدا خاصا فلا يكفي لمعاقبته أن يكون تغيير الحقيقة قد ارتكب عن علم وإرادة فقط بل يجب أن يكون قد ارتكب بنية خاصة وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه النية.

لكن المشرع السوري  حدد النية الخاصة في جريمة التزوير هي أن يكون التغيير الحاصل بقصد التزوير وهو الغش وتغير الحقيقة لإلحاق ضرر بالغير محقق أو محتمل مادي أو معنوي أو اجتماعي كما بينا سابقاً.

" جريمة استعمال الصك المزور "

نصت المادة 444 من قانون العقوبات:   

يعاقب بعقوبة مرتكب التزوير نفسها من استعمل المزور وهو عالم بأمره .

إن جريمة الاستعمال مستقلة عن جريمة التزوير نفسها ولكل منهما أركان خاصة:

يعاقب المشرع على استعمال الورقة المزورة ولو لم يشترك المستعمل في تزويرها وكذلك يجوز الحكم على من يستعمل صك مزور مع علمه بتزويره ولو كانت جريمة التزوير نفسها قد سقطت بالتقادم وجريمة التزوير جريمة وقتية تتم بمجرد ارتكابها أما جريمة الاستعمال فيمكن اعتبارها جريمة مستمرة أو وقتيه.

أركان جريمة الاستعمال:

1)     فعل الاستعمال.

2)     تزوير المحرر المستعمل.

3)     علم المستعمل بهذا التزوير.

أولاً: فعل الاستعمال: لم يعرف القانون الاستعمال المعاقب عليه ولم يبين طرق التنفيذ التي يتكون منها وذلك لكون هذه الطرق تختلف باختلاف الصكوك المحررة كما تختلف باختلاف الغرض الذي يرمي إليه المزور بحيث أنه يستحيل على الشارع أن يحاول حصرها وعدها وترك هذا الأمر راجعا لقاضي الموضوع.

وبعبارة موجزة فأن الاستعمال هو استخدام الصك المحرر فيما أعد له والاستفادة منه بواسطة إظهاره أو الاستناد إليه للحصول على مزية أو ربح أو إثبات حق.

ثانياً: تزوير الصك المستعمل:

لا تكون هذه الجريمة إلا إذا كان الصك المستعمل مزورا ولا عقاب على استعمال ورقة مزورة إلا إذا تحققت في تزوير هذه الورقة جميع الأركان المكونة لهذه الجريمة أي تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات يمكن أن ينجم عن التحريف ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي مع توافر القصد الجرمي وبإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا.

ثالثا:ُ علم المستعمل بالتزوير:

لا عقاب على من يستعمل ورقة مزورة إلا إذا كان عالما بتزويرها فالقصد الجرمي في جريمة الاستعمال لا يتحقق لا بمجرد علم المستعمل بأن الورقة مزورة بصرف النظر من الغرض الذي يرمي إليه من استعمالها.

تتم جريمة الاستعمال بمجرد تقديم المزور واستخدامه في الغرض الذي زور من أجله ولا يمنع تنازل المتهم عن التمسك به بعد تقديمه من عقابه لأن التنازل حصل بعد أن تمت الجريمة.

أما إذا حصل التنازل قبل تحريك الدعوى العام أو تقديم الشكوى فيطبق نص المادة 461 والتي تقول:

1- إذا أقر المجرم بالفعل الجرمي قبل الاستعمال والملاحقة أعفي من العقاب .

2- أما إذا حصل الإقرار عن الجرم بعد استعمال المزور وقبل الشكوى أو الملاحقة فتخفض العقوبة على نحو ما جاء في المادة 241 .

عقاب جرم الاستعمال:

إذا كان المحرر المزور رسميا فأن استعماله يعد جناية ويعاقب عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة وإذا كان المحرر غير رسمي فيعد الجرم جنحة ويعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها مائة ليرة ويعاقب على الشروع إذا كان الاستعمال جناية ولا عقاب على الشروع إذا كان جنحة وفي جميع الأحوال عقوبة الاستعمال هي نفسها عقوبة التزوير التي تلحق بالفاعل الأصلي لجريمة التزوير.

 " ما يجب أن يشتمل عليه الحكم الصادر في جرائم التزوير "

-         يجب على المحكمة بيان واقعة التزوير بيانا كافيا يتسنى معه التحقق مما إذا كان القانون طبق تطبيقا صحيحا آم لا.

-         يجب أن تبين المحكمة تاريخ التزوير والجهة التي حصل فيها.

-         يجب أن يشتمل الحكم على بيان ما يصف الصك المزور.

-         يجب أن تبين المحكمة الأركان المكونة لجريمة التزوير.

-         يجب أن تبين المحكمة الطريقة والطرق التي تم فيها التزوير لأن القانون حدد هذه الطرق على سبيل الحصر.

-         يجب على المحكمة أن تظهر في القرار وجود ركن الضرر وعلى الأقل المحتمل.

-         يجب مبدئيا بيان القصد في الحكم لكون القصد الجرمي من الأركان الأساسية للجريمة.

-    بيان واقعة الاستعمال في الحكم لكون تهمة الاستعمال قائمة على التزوير لذا يجب أن يشتمل الحكم على بيان الأركان المادية للتزوير الواقع في الورقة المستعملة ويثبت الحكم تزوير الورقة وطريقة ارتكابه وعلم من استعملها وتاريخ التزوير والاستعمال وألا كان الحكم باطلا ويجب أن يبين الحم الوقائع المكونة للاستعمال يجب أن يبين الحكم أن المتهم استعمل الورقة وهو عالم بتزويرها.

-    لمحكمة النقض حق الإشراف على الوصف الذي أعطته محكمة الموضوع للوقائع التي اعتبرتها ثابتة وتقرير ما إذا كانت تكون قانونا جريمة التزوير أو استعمال المزور أم لا.

" عقاب التزوير وفق نصوص مواد قانون العقوبات "

= عاقبت المادة 450 من قانون العقوبات من وجب عليه قانوناً أن يمسك سجلات خاضعة لمراقبة السلطة فدون فيها أموراً كاذبة أو أغفل تدوين أمور صحيحة فيها عوقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة مائة ليرة على الأقل إذا كان الفعل من شأنه إيقاع السلطة في الغلط .

= عاقبت المادة 451 من قانون العقوبات بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة مائة ليرة على الأقل من أبرز وهو عالم بالأمر وثيقة مقلدة أو محرفة أو منظمة على وجه يخالف الحقيقة ومعدة لأن تكون أساساً إما لحساب الضرائب أو الرسوم أو غير ذلك من العوائد المتوجبة للدولة أو لإحدى الإدارات العامة وإما للمراقبة القانونية على أعمال المجرم المتعلقة بمهنته .

= عاقبت المادة 452 من قانون العقوبات بالحبس من شهر إلى سنتين من حصل بذكر هوية كاذبة على جواز سفر أو ورقة طريق أو تذكرة مرور، ومن حصل بانتحاله اسماً على رخصة صيد أو حمل سلاح أو تذكرة هوية أو تذكرة ناخب أو وثيقة نقل أو نسخة عن السجل العدلي خاصة بالغير ويعاقب بالعقوبة نفسها من استعمل وثيقة من الوثائق المذكورة أنفاً أعطيت باسم غير اسمه أو بهوية غير هويته .

= عاقبت المادة 453 الموظف الذي يسلم إحدى تلك الوثائق على علمه بانتحال الاسم أو الهوية بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات .

= عاقبت المادة 454 من قانون العقوبات بالحبس من شهرين إلى سنتين من ارتكب التزوير بالاختلاق أو التحريف في إحدى الأوراق المشار إليها في المادة 452 ( جواز سفر- ورقة طريق - تذكرة مرور- انتحال اسماً على رخصة صيد أو حمل سلاح أو تذكرة هوية أو تذكرة ناخب أو وثيقة نقل أو نسخة عن السجل العدلي خاصة بالغير) .

= عاقبت المادة 455  من قانون العقوبات من أقدم حال ممارسته وظيفة عامة أو خدمة عامة أو مهنة طبية أو صحية على إعطاء مصدقة كاذبة معدة لكي تقدم إلى السلطة العامة أو من شأنها أن تجر على الغير منفعة غير مشروعة أو أن تلحق الضرر بمصالح أحد الناس .

ومن اختلق بانتحاله اسم أحد الأشخاص المذكورين وزور بواسطة التحريف مثل هذه المصدقة، عوقب بالحبس من شهر إلى سنتين .

وإذا كانت المصدقة الكاذبة قد أعدت لكي تبرز أمام القضاء أو لتبرر الإعفاء من خدمة عامة فلا ينقص الحبس عن ستة أشهر .

= جعلت المادة 456 من قانون العقوبات أوراق التبليغ التي يحررها المحضرون وسائر عمال الدولة والإدارات العامة وكذلك المحاضر والتقارير التي يحررها رجال الضابطة العدلية تنزل منزلة المصدقة لتطبيق القانون الجزائي .

= عاقبت المادة 457 من قانون العقوبات بالحبس حتى ستة أشهر من وضع تحت اسم مستعار أو زوَّر مصدقة حسن سلوك أو شهادة فقر وجعل العقوبة من شهر إلى سنة إذا وضعت الشهادة تحت اسم موظف أو تناول التزوير مصدقة صادرة عن موظف .

= عاقبت المادة 458 من قانون العقوبات بالحبس من شهرين إلى سنتين من تقدم إلى سلطة عامة بهوية كاذبة قصد جلب المنفعة لنفسه أو لغيره أو بنية الإضرار بحقوق أحد الناس فضلاً عما قد يتعرض له من العقوبات الجنائية في حال تواطئه مع موظف عام .

= عاقبت المادة 459 من قانون العقوبات بالحبس من شهرين إلى سنتين على كل شخص يعرف عن علم منه في الأحوال المذكورة أنفاً هوية أحد الناس الكاذبة أمام السلطات العامة .

= عاقبت المادة 460 من قانون العقوبات بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها مائة ليرة من ارتكب التزوير في أوراق خاصة بإحدى الوسائل المحددة في المادتين الـ 445 و 446 ( إساءته استعمال إمضاء أو خاتم أو بصمة إصبع، وإجمالاً بتوقيعه إمضاء مزوراً، وإما بصنع صك أو مخطوط وإما بما يرتكبه من حذف أو إضافة أو تغيير في مضمون صك أو مخطوط فوارق الموظف الذي ينظم سنداً من اختصاصه فيحدث تشويهاً في موضوعه أو ظروفه إما بإساءته استعمال إمضاء على بياض أؤتمن عليه أو بتدوينه مقاولات أو أقوالاً غير التي صدرت عن المتعاقدين أو التي أملوها أو بإثباته وقائع كاذبة على أنها صحيحة أو وقائع غير معترف بها على أنها معترف بها، أو بتحريفه أية واقعة أخرى بإغفاله أمراً أو إيراده على وجه غير صحيح).

المحامي

موسى سامي خليل



عدد المشاهدات: 20008



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى